قبل كل ملتقى أو مؤتمر ثقافي أو أدبي يعقد وتشرف عليه وزارة الثقافة والإعلام، نجد أنه يصبح عرضة للنقد من أطياف عديدة من المثقفين والأدباء وكتاب الرأي وغيرهم.. وسواء نتفق أو نختلف مع ما يطرح من نقد، فإن ذلك يعطى مؤشرا أن ثمة خللا ما يجعل من تلك المؤتمرات أو الملتقيات ساحة للنقد والكتابة والجدل والاختلاف الذي يصل إلى ذروته في كثير من الأحيان، وهاهم الأدباء انبروا يوجهون انتقاداتهم لفعاليات مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع، وتلك الانتقادات جاءت بعد إعلان برنامج الفعاليات والأسماء المشاركة، حيث أثار تكرار بعض الأسماء المشاركة وكذلك دعوات الحضور استياء بعض المثقفين.. وكان بإمكان وزارة الثقافة والإعلام تجاوز تكرار الأسماء وتقديم أسماء جديدة ودماء شابة، خصوصا فيما يتعلق في إدارة جلسات المؤتمر، أما فيما يتعلق بالأوراق المشاركة والتي جاءت وفقا لمحاور المؤتمر فلا أرى مسوغا لنقدها؛ لأنها بحوث قدمت وخضعت لآراء اللجنة العلمية. لكن ذلك كله يبدو في إطار الاختلاف الذي يبتغى من ورائه الارتقاء والتطوير، فأي عمل بشري لا يخلو من مادح أو قادح، لكن الأهم ــ برأيي ــ والمؤتمر على وشك الانطلاق هو التوصيات التي سيفضي إليها المؤتمر، وهو تظاهرة ثقافية أدبية مبهجة، وحين أقول الأهم هي التوصيات لأن توصيات مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث، والذي مضى على إقامته أكثر من ثلاث سنوات، لم تنفذ منها أية توصية حتى الآن وما زال يحمل في ذاكرته المتوهجة توصيات معلقة إلى أجل غير مسمى؛ مثل تأسيس رابطة للأدباء، وكذلك تفعيل جائزة الدولة التقديرية في الأدب، وإنشاء صندوق للأدباء، وتلك التوصيات تحتاج إلى إعادة إحياء وبعث من جديد، لعلها تنتقل إلى حيز التنفيذ. وأذكر أن نائب وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر قد أكد في تصريحات صحافية منشورة أن لجنة ستشرف على تنفيذ توصيات مؤتمر الأدباء، نتساءل: أين هي تلك اللجنة منذ ذلك الحين، وهل أنهت توصياتها هي الأخرى؟
لا نملك إلا أن نعيد طرح الأسئلة من جديد: لماذا لم يتم تنفيذ تلك التوصيات، ومن الذي أعاق تنفيذها، وما قيمة تلك المؤتمرات إذا لم تنفذ توصياتها؟، وهل تواجه وزارة الثقافة والإعلام صعوبات معينة لا يعلمها المثقفون، أم أن الوزارة لا ترى جدوى حقيقية من تنفيذ تلك التوصيات؟ أم أن البيروقراطية هي التي تعيق تنفيذها؟ أم أن أسبابا أخرى نجهلها وعصي علينا فهمها؟ إن من حقنا معرفة ما هي الأسباب الحقيقية؟ فالتهميش لتوصيات المؤتمر الفائت يعطي دلالة لحالة لا تبدو صحية في التعامل مع التوصيات السابقة، وبالتالي ستفتقد الثقة في أي مؤتمر قادم، لماذا لا تكون وزارة الثقافة والإعلام أكثر شفافية وتوضح للمثقفين الأسباب التي وقفت عائقا أمام تنفيذ توصيات مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث؟ وحين تصدر توصيات المؤتمر الرابع سنكون أمام توصيات متراكمة ناتجة عن مؤتمرين؟ ويا ترى من يسبق الآخر بالتنفيذ؟ وما قيمة مثل هذه المؤتمرات إذا لم تنفذ توصياتها؟ وإن كان لا جدوى، فلماذا لا يتم تغيير المسمى ويصبح ملتقى الأدباء السعوديين أو ملتقى الأدب السعودي.